شبكة يسقينا النبى//محمد كمال الباز يكتب : " الأخ الأكبر "
كاتب الموضوع
رسالة
محمود رضا Admin
عدد المساهمات : 555 تاريخ التسجيل : 03/02/2012 العمر : 32
موضوع: شبكة يسقينا النبى//محمد كمال الباز يكتب : " الأخ الأكبر " الجمعة فبراير 15, 2013 1:19 pm
شبكة يسقينا النبى// محمد كمال الباز يكتب : " الأخ الأكبر "
نحن أمام فرصة تاريخية كان يمكن للإخوان المسلمين أن يلعبوا فيها دور الأخ الأكبر، ولو سياسيا، وأقول ولو سياسيا، مع سائر الأطياف الإسلامية وعلى رأسها السلفيون
كان من أول ما أبصرته فى بداية التزامى، فى الصف الأول الثانوى أواسط الثمانينيات، الواقع الإسلامى الدعوى الممزق بين جماعات الدعوة، وحرص كل جماعة ينتمى إليها الشاب أن تلقنه مبادئها وأولوياتها ومنهجها الإصلاحى، وفى نفس الإطار تلقنه الفرق بينها وبين غيرها من الجماعات ومبادئهم، وهى أزمة من أول الأزمات التى يواجهها الشاب المسلم فى طريق الالتزام، تورثه حالة من الحزن الممزوج بالحيرة والغضب، والملاحظ أن تلك الأزمة أطاحت بالكثيرين فى أول طريق الطاعة، ودفعتهم إلى الانزواء والامتناع عن المشاركة فى أى من المناهج الإصلاحية.
حملت حزنى وحيرتى وغضبى وتوجهت إلى شيخى معترضا ومتسائلا، فأجابنى بموقف مر عليه فى إحدى الزيارات لمكتب أمن الدولة، حيث اتهمه الضابط بأنه على صلة تنسيقية خفية مع إحدى الجماعات الجهادية (وهى تهمة خطيرة فى هذا الوقت)، فقال الشيخ إنه ينكر هذه الصلة، وقال إنه يختلف مع هذه الجماعة فى كثير من المنطلقات والآليات فكيف له أن ينسق معهم؟
فأجابه ضابط أمن الدولة فى إحدى لحظات التجليات الفلسفية التى كان تصيبهم أحيانا (وهنا محل الشاهد من القصة): أتظن أنكم (الجماعات الإسلامية) مختلفين حقا، نحن لا نعتبركم كذلك، إنكم متكاملون من حيث لا تدرون، وتنسقون بينكم وإن شئتم عدم التنسيق، فالجمعية الشرعية تبنى المساجد، وتأتى جماعة التبليغ لتملأها، ثم يأتى أنصار السنة والسلفيون ليعلموا الناس الدين، ثم يأتى الإخوان ليأخذوهم للسياسة، أو يأتي الجهاد ليأخذوهم إلى أفغانستان (فى الثمانينيات)، هذه هى الاستراتيجية الحاكمة على الجانب الآخر من الإسلاميين، لا نوافق عليها بالكلية بداهة، ولكنها تكشف عن الطريقة التى تدار بها الأمور، وتوزن بها الوقائع.
نحن أمام فرصة تاريخية كان يمكن للإخوان المسلمين أن يلعبوا فيها دور الأخ الأكبر، ولو سياسيا، وأقول ولو سياسيا، مع سائر الأطياف الإسلامية وعلى رأسها السلفيون، الأخ الأكبر الذى يملك الرصيد السياسى والتجربة، ويملك العقل الذى يستمع لإخوانه، ويثمن آراءهم، وخاصة أننى أثق أن عامة هؤلاء الإخوة ليسوا من طلاب المناصب، لا أدعو الإخوان أو غيرهم إلى التخلى عن أولوياتهم ومنهجهم الإصلاحى، ولكن المسار السياسى يعتبر مصيريا للجميع، والتجربة الإسلامية فى الحكم سيدفع ثمنها الجميع، سواء أكانوا إخوانا أم لا، كما أن حدة الخلاف السياسى ليست بحدة الخلافات الأخرى، وفاتورة هذا الخلاف فى غاية التكلفة على تماسك الصف الإسلامى فى المقام الأول.
ولكن، وبكل أسف، الإخوان المسلمون يصرون أن يلعبوا دور الأخ الوصى، الذى يتعامل مع إخوانه بكل تعالٍ وتكبر، فيسير بمنطق مرحبا بإخوانى عند الدعم واقتسام المغرم، والتحمل والبذل فى الشارع وعند اللجنة والصندوق، ولا مرحبا بهم عند النصح أو التوجيه، يفرضون وصايتهم على كل تحرك واتصال، ويدفعون بأشرس الحملات الإعلامية ضد المواقف والمبادرات السياسية التى لا تخرج من عباءتهم، فى حين أن قرارهم السياسى لا يقبل المناقشة، واتصالاتهم وتنسيقاتهم خلف الكواليس يحرم على الأشقاء العلم بها فضلا عن المشاركة فيها أو إبداء مجرد الرأى، إن استمرار مثل هذا الوضع يقود إلى حالة من الاحتقان والتوتر السياسى نحن فى أشد ما نكون فى غنى عنه وخاصة فى هذا التوقيت.
لابد من انفتاح الإخوان المسلمين انفتاحا حقيقيا، ولو سياسيا، على باقى التيارات الإسلامية، ولابد من مشاركة فى صناعة القرار وتفعيل آلية الشورى التى وعدهم بها الدكتور مرسى فى حملته الانتخابية، فهذا هو الضامن الوحيد للتماسك السياسى للتيار الإسلامى. جريدة الفتح – عدد71- الجمعة 15/2/2013
شبكة يسقينا النبى//محمد كمال الباز يكتب : " الأخ الأكبر "